2011-04-27

هل مازال هناك امل لمستقبل مشرق لجامعاتنا التونسية؟


لا يخفى على عاقل حدة تدهور مستوى الشهادات الجامعية التونسية. فهاته الشهادات, التي لطالما كانت فخرا لتونس, و لجامعاتها التي و ان لم تكن تبلغ مستوى مرموقا على المستوى العالمي الا انها كانت مكانتها مميزة عربيا و افريقيا. فلا عجب ان نظرنا في ترتيب الجامعات التي قامت به جامعة شانغهاي, و لم نجد فيه اي جامعة تونسية من بين الـ500 الاوائل. الاسباب عديدة و متنوعة, و ليست وليدة الساعة, بل تاتي نتيجة لتراكمات عديدة, نذكر ابرزها

  • اولا لا يمكن ان ننكر ان المناخ السياسي و الاجتماعي الذان كانا يطغيان على البلاد منذ فترة ليست بالقصيرة, و التي تتسم بغياب تام للحريات و بقمع وحشي لكل ما يتصل بالطلبة و الباحثين قتل الملكة الابداعية الاكاديمية التي فيهم, فعند دخولنا لمعهد جامعي يلفت انتباهنا غياب تام للابداعات الفكرية للطلبة, و للانشطة الثقافية, ما عدى عدد قليل منهم, و حتى ان وجدت فهي ليست في مستوى النهوض بفكر هؤلاه الشباب, الذين لم يعد همهم الوحيد الا الحصول على شهادة جامعية تعني لهم بداية واعدة لحياة مفعمة بالبطالة, مقابل وجود مكثف لما كان يسمى بالامن الجامعي. يضاف الى ذلك تدهور مستوى صعوبة الامتحانات و الضعف النوعي في برامج مختلف الاختصاصات, الشي اللي يجبر اي خريج جامعة الى الخضوع الى تكوين مطول قبل الشروع فعليا في ممارسة شغلهم
  • ضعف التكوين القاعدي للطلبة, و هذه تعد مشكلة التعليم الازلية في تونس, وهو تدهور مستوى التعليم الابتدائي و الثانوي. فتعدد التجارب المستوردة في بلدان اخرى كفرنسا و كندا و اللتي لم تثبت نجاعتها حتى في تلك البلدان يقع استعمالها بطريقة عمياء في تونس. و يتميز النظام التعليمي بعدم الاستقرار, فيقع التغيير في البرامج بصفة شبه سنوية, مما يولد عدم استقرار في النتائج و في التعاطي مع التلاميذ. من ابرز ملاحظاتي في هذا المجال : تعليم اللغات الاجنبية في السنوات الابتدائية يتم بطريقة خاطئة بيداغوجيا, مما يؤدي الى ضعف فادح في استيعاب بالمواد ابتداء من الثانوي و خاصة في الجامعة, ايضا تهميش اللغة العربية الى حد استعمالها في مادتين في الباكابوريا و غيابها كليا في الجامعات(عدى مسالك الاختصاص بالطبع), التخلي عن طريقة الحفظ و استعمال طريقة الاستيعاب و الفهم و التحليل, و هي طريقة جيدة و لكن هل يقع تطبيقها طرق النموذجية؟ هل يمكن مثلا لمعلم او استاذ افنى عمره في تعليم مادة عبر ادخالها عنوة الى عقول التلاميذ ان يتخلى عن هذه الطريقة؟ قطعا لا. نظيف الى ذلك فساد منظومة انتداب الاساتذة, او ما يعرف بالكاباس. فالكل يعرف ان هذه المناظرة كانت شكلية و لم يكن ينجح من يستحقها
  • المستوى المادي المتدهور للاغلبية الساحقة للطلبة التونسيين لا تمكنهم من مواصلة تعليمهم الجامعي على احسن وجه, فثرة المتطلبات و تكاثر الضروريات اضحت وابلا على من لا طاقة له, خاصة من الطبقة الفقيرة و المتوسطة الدخ التي تناضل من اجل توفير قوتها, فما بالك اذا اصطرت لابتياع حواسيب, او مستلزمات رسم هندسة, او مراجع اللتي تتسم بغلاء اثمانها نسخها فقط فما بالك باسوامها هي

الحلول موجودة و هي بسيطة, لن اتطرق اليها اليوم. و لكن تبدو الطريق الى بلوغ المجد بالنسبة لجامعاتنا طويلة و شائكة, تتطلب تكاتف عديد الاطراف من سلطة الاشراف الى الطالب البسيط. فتونس مهد ثورة الكرامة لم لا تكون مهد ثورة التعليم و الابحاث و الرقي الجامعي؟

سيف الدين العكاري.

read more "هل مازال هناك امل لمستقبل مشرق لجامعاتنا التونسية؟"

2011-04-26

عندما تسقط الاقنعة (مقال على ضوء خطاب السبسي صباح اليوم )


لا اعرف من اين ابدا حديثي بالضبط و لكن خطاب السبسي صباح اليوم قضى على البقية الباقية من الامل في نفسي حتى كأني انظر الى احمد ونيس في ثوب الباجي قايد السبسي.

طبعا زيارة الان جوبيه , و زير خارجية فرنسا , لتونس ليس لمجرد النزهة بقدر ماتحمله هذه الزيارة من اوامر و نواهي للاطمئنان على ان تونس لن تكون الابن العاق لفرنسا وهو ما اثر على صيغة الخطاب الذي اتسم بالمغازلات لحزب التجمع و التهديد و الوعيد الضمني للاحزاب الاسلامية فجميعنا يعلم ان فرنسا تعد تونس ولاية تابعة لها و محال ان يتم تسليم زمامها مستقبليا لحكومات " طالبانية" على حد تعبير ساركوزي.

الذي المني حقا و انا ازور بعض الصفحات الثورية , هو ان كثيرين اثروا الخنوع و الخضوع و الاستسلام لمصير سياسي غامض يرسم معالمه السبسي و حاشيته كما يشاؤون متناسين بذلك دماء الشهداء التي سالت لتقضي على نظام حكم البلاد ما يربو عن 23 سنة من الاستبداد و الانتهاك لابسط الحقوق و الحريات.

لم ينتهي كل شيء بعد و مازال في ايدينا ان نغير الكثير و ان لا نستسلم لهذا المارد البورقيبي الذي يريد القضاء على امال تونس و التونسيين.شبابنا يقظ لاخر لحظة و يد الله فوق الجميع

Iris Flower


read more "عندما تسقط الاقنعة (مقال على ضوء خطاب السبسي صباح اليوم )"

2011-04-24

حزب الله في تونس؟؟؟



بعد الأرتيكل اللي كتبناه على مصدر الإشاعات الأوّل في تونس، وبعد الرّواج الكبير اللي خذاه، توقّعت اللي عدد من التّوانسة اللي يستعملوا في الانترنات (على الأقّل القرّاء اللي قراو الأرتيكل وتقاسموه في الشّبكات الإجتماعيّة) باش يكونوا أكثر حذر في التّعامل مع المعلومة وخاصّة كي تبدا جايّة من مصدر مشبوه كيف على سبيل الذكر وليس الحصر "مدوّنات" واب تونيزيا والمنارة لايف وغيرها من الطّفيليّات اللي ظهرت بعد 14 جانفي واللي واضح أنّو النّاس اللي وراهم ناس موتى بالشرّ ومستعدّين يخترعولك أخبار على قياسك أو حتّى يجبدولك خبر قديم ويروّجوه من أوّل وجديد لغاية واحدة: هات أعطيهم انت تكليكي على الرّابط متاعهم باش يصبّولهم فلوس الاشهار والبلاد يجعلهاش تتحرق باللي فيها.

توقّعنا هذا الكلّ لكن يا خيبة المسعى...

وبعد ما أشرنا في صفحتنا على فايسبوك إلى أنّ التّهديد بدولة إسلاميّة ماهو إلاّ واحد من الأساليب اللي تستعمل فيها الحكومة باش الشّعب ياكل بعضو وما يتلهاش بشكون ترشّح وشكون تكتّل مع شكون وعلاش فلان أقصاوه من التلفزة وفلتان علاش لتوّة ما شدّوه في الحبس.. بعد هذا الكلّ باقي نفس اللوبانة متع 1991-1992 قاعدة تتكعرر في ظلّ سيطرة متطرّفي اللائكيّة على المشهد الثقافي والإعلامي في تونس: تشويه لحركة النّهضة وكلّ من يعارض إقصاءها ، بل وحتّى "اتّهامو" بأنّو تابعها ووصفه بالخوانجي والظلامي والرّجعي الخ.. لا علينا موش هذا الموضوع اليوم تو نرجعولو مرّة أخرى ان شاء الله.

تقول انت آش مجيّب مصادر الإشاعات للتهديد بدولة إسلاميّة؟ نجاوبك:

رينا النّاس الكلّ كيفاش سمير الوافي خرّج اشاعة السلفيين اللي حبّوا يقصّوا يد سارق في جرزونة، و حمدي المسيهلي كيفاش اخترع حكاية ماء الفرق، وليلى الشّابي كيفاش جابت خرافة أمير المؤمنين في راس الجّدير وكيفاش الخرافة هاذي تنجّم تكون داخلة فيها المخابرات العسكريّة متع الجزائر، واللي كانت سبب باش التّوانسة هاذم ريوسهم تحلّت بالزلالط والسّكاكن.. باهي هذا الكلّ ريتوه، أمّا ريتوش شكون من الشّلايك هاذم عيّطلو الحاكم باش يحقّق معاه على خلفيّة ترويجو لأخبار كاذبة من شأنها تعكير صفو الأمن العامّ في البلاد؟ ما ريتوش وماكمش باش تراو.. علاش؟ لسبب بسيط ياسر وهو أنّ الحكومة الحاليّة مساعدتها ياسر حكاية الإشاعات اللي تشوّه الإسلاميّين وما تجيكش غريبة فمّة هيكل دعائي كامل لاهي بالحكاية هاذي ويصرف عليها.

وقت اللي نرجعوا لجويلية 2009، نلقاو اللي أستاذة جامعيّة صكّوها بـ 8 شهور حبس لمجرّد أنّها  عاودت بعثت رسالة جاتها على فايسبوك لصاحباتها وقالتلهم "ردّوا بالكم راهم يخطفوا في الصّغار".. الجّدير بالذكر هو أنّ الأستاذة هاذي ماهيش مصدر الإشاعة وإنّما جاتها من عند تونسيّة مقيمة بالخارج.. باش تفهم كيفاش الحكومة متواطئة مع أشباه الصّحفييّن وشبه الممثلة اللي حكينا عليهم (وغيرهم)، ما عليك كان تقارن آش صارلها خاطرها عملت partage وآش صار(أو بالأحرى ماصارش) للوافي والمسيهلي والشابي خاطرهم مصادر إشاعات.

الممارسات هاذي مازالت متواصلة وباش تتواصل وتقوى في الأشهر القليلة القادمة، وكلّ يوم باش تسمعوا غريبة على "سلفيّين قصّوا راس عاملة ماخور" و "مفكّرة والا ممثلة خطفولها ولدها" وغير ذلك من الحكايات الحولة اللي ماعادش تجدّ حتّى على البهايم، ورغم ذلك باش يبارتاجيوهم نفس الباجات اللي ديما نحكيلكم عليهم بطريقة الاستبلاه، معناها يبدا يعرف اللي هي إشاعة ويحطّلك الرابط في صفحة فيها 20.000 رقبة ويعمل روحو يسأل: "هل من تأكيد أو نفي لهذا الخبر"؟ وصفحة تعدّي لصفحة وبروفيل يهزّ لبروفيل وما يتعدّى النهار إلاّ ما تونس كاملة تسمع بالإشاعة هاذيكة.

نجيو توّة لموضوع العنوان، وفي نفس السّياق متع التهديد بدولة إسلاميّة وتنسيق المدوّنات الطفيليّة والصّفحات ذات التوجّه اللائكي المتطرّف من أجل إنجاح المخطط الحكومي متع "كولوا بعضكم قبل ما ناكلوكم"، فمّة خبر قاعد يدور ها النّهارين بالعنوان هذا: وكالة أنباء إيرانية: تونس فى طريقها لتشكيل "حزب الله". وبالطّبيعة نفس المدوّنات والصّفحات والشّلايك اللي حكيتلكم عليهم هوما اللي قاعدين يروّجو في الخبر.

كلمة خبر ما حطّيتهاش بين ضفرين المرّة هاذي خاطرو خبر بالحقّ، أمّا بالرّجوع للمصدر الأصلي متاعو واللي هو وكالة فارس الإيرانيّة للأنباء شنوّة نلقاو؟

نلقاو اللي الخبر هذا، اللي قاعدين يدوّروا فيه مواقع و "مدوّنات" و صفحات معيّنة نهار 22 و23 أفريل (معناها اليوم والبارح)، منشور في إيران من نهار 23 جانفي اللي فات وبرشة توانسة قراوه في موقع اليوم السّابع المصري من نهار اللي تنشر (أي منذ 3 أشهر كـــاملة).. السّبب متع ترقيد خبر كيف هذا ثمّ ترويجو واضح، وهو أنّ الشّعب ما عادش يصدّق بالسّاهل حكايات ماء الفرق وقصّان اليدين والرّجم وما شابه ذلك، لذلك الجّماعة تعدّاو للـ Plan B واللي يتمثّل في تخويف التوانسة من بعث حركات اسلاميّة مسلّحة شبيهة بحزب الله.. خاطر صعيب شويّة باش تجيب واحد يدّو مقصوصة لكن ساهل ياسر باش تحكي على تحالف توانسة مع أحزاب إسلاميّة مسلّحة في دول أخرى، خاصّة وقت اللي جزء كبير من الشّعب يبدا طايب بطبيعتو وقابل باش يصدّق الحكايات هاذي رغم أنّها قديمة وعاودت تجبدت وإلاّ ما فمّاش منها جملة.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته 

read more "حزب الله في تونس؟؟؟"

2011-04-16

ذاكرتنا شغّاله..ميّا ميّا...حوّل

لأنّ الرّئيس السابق كان شخصا لا تربطه رابطة بعالم الفكر..ولا بعالم السياسة..فهو لم يكن أكثر من كتلة شحميّة محبوسة داخل بزّة عسكريّة..ولم يكن كلّ همّه محصورا في أكثر من باكو سواقر خضرا..أو طُرح شكبّه مع زملائه...لكن ارادة الله,ومعها ارادة المخابرات الايطالية قفزت به بسرعة الى حيث لم يكن يحلم ولا يتخيّل..فوجد نفسه في موقع لا يعرف عنه شيئا..ومن سيارة الجيب وشاحنات الماجيريس انتقل الى سدّة الحكم في قرطاج..

ولأنه كان غبيا وساذجا وفارغا الى حدّ كبير..فان المحفل الفرنكوعلماني لم يدع الفرصة تمرّ..وهرع أقطابه من كل فجّ عميق لأقامة حلقة من المريدين حول القادم الجديد..ومارسوا باقتدار سياسة النفخ في تجاويف الصّنم ..وما أكثر تجاويفه..ولم تمرّ فترة من الزمن حتى تكوّن الاخطبوط العلماني المتطرّف وبدأت أذرعه في التشكّل..فتشكّل الذراع السياسي في صورة عبد العزيز بن ضياء..وتلاه الذراع العسكري في صورة المجرم السفاح عبد الله القلاّل..ومعه الذراع التربوي والتعليمي في صورة احد ابرز وجوه المحفل العلماني سيء الذكر الشرفي..يساندهم الذراع الثقافي تحت امرة عبدالباقي الهرماسي..كل ذلك مدعوما بالذراع الاقتصادية متمثلة في المافيا الطرابلسية...يبالغ جميعهم في التودد والتقرب من العرّاب الأب...أو المعلم حسب القاموس المافيوزي...

وما ان اشتد عودهم واحكموا الالتفاف حول مفاصل البلاد حتى انطلقوا في حملة تصفية عرقية أثنية لم يشهد التاريخ التونسي لها مثيلا...فزمجرت مصفحات التنظيم وانتشرت الكلاب البشرية في الشوارع واصطف وحوش القمع المهيكل لتنفيذ هجمة لن ينساها التاريخ ضدّ كل ما له علاقة بالاسلام والمسلمين..فأُغلقت المساجد وزُجّ بكل من ليس له تهمة عدا الصلاة في السجون وهوجمت النساء المتحجبات بشراسة بهائمية في الشوارع والساحات واما انظار الاباء والابناء..ونفّذ الرفيق العلماني..المناضل ضمن جمعيات حقوق الانسان محمد الشرفي عملية ترانسفير ضخمة رحّل فيها الطلبة المتدينين الى معتقل رجيم معتوق في غياهب الصحراء..وفتحت خزائن الشعب أمام الشواذ والفاسقين لتنفيذ الثقافة الجديدة..فموّلت وزارة الثقافة أفلام العراء للنوري بوزيد واصبح التونسي ينام ويستيقظ على سينما الجنس والعراء الفاضح في محاولة لهدم الشخصية الاسلامية لدى التونسيين..

ووقع تقنين القمار والميسر بفرمانات حكومية فانتشرت شركات الرهان واقيمت الكازينوهات في عدة مناطق من البلاد..وأُرغمت الجرائد اليومية على نشر اشهارات الخمور في صفحاتها الاولى..والويل لمن يبدي امتعاضا ..وجيء بالشواذ واهل الفسق من شتى بقاع الارض لاقامة الحفلات الماجنة على مسارح المدن التونسية وحتى داخل الحرم الجامعي في مخطط مكشوف لضرب التونسي في عقيدته وانتمائه الروحي..وفُتّحت أبواب اجهزة الاعلام من صحافة واذاعة وتلفزيون على مصراعيها أما الوجوه المعادية للاسلام من شيخ الفسق المقبور فرج فوده الى الغنّان الصهيوني انريكو ماسياس الى العطرجي استى لاودر..وهو من وهبنا له محالا عديدة في البحيرة لترويج منتوجه في حين كا قد التزم بتوفير حجارة الهيكل على حسابه وهي الان جاهزة تنتظر الشروع في البناء والقائمة تطول ومعها الاحداث في استعراض جرائم التطرف العلماني في حق شباب واهل تونس..

وفي الاخير يأتي من يريد أن يقنعنا ان تلك الفترة الحالكة لم تكن علمانية..وان محمد الشرفي كان سنّيا على مذهب اهل السنة والجماعة وانّ النوري بوزيد كان تلميذا من تلاميذ الامام جعفر الصادق..وأن عبد الله القلاّل كان شيخا من شيوخ الصوفية..وان العلمانية الحقيقية هي غير ذلك..أو انها موضوعة في مكان سرّي ..لعله دورة مياه في احدى الحانات..تنتظر الخروج للضوء لتملأ تونس عدلا ونورا كما ملئت ظلما وجورا...فكفّوا...احتراما لعقولكم على الاقل..هذا اذا لم تكن لنا عقول..وذاكرة..

أبو عربي
read more "ذاكرتنا شغّاله..ميّا ميّا...حوّل"

2011-04-10

استراتيجية التوتر وتطبيقها على الشعوب الثائرة: تونس نموذجًا



لا تبدو الأمور واضحة للجميع في تونس. ويعتقد الكثيرون أن كل شيء على ما يرام وأننا نتحرك ببطء نحو حقبة من الحرّية غير المسبوقة ، والتي ستزدهر قريبا في ظل الديمقراطية. هؤلاء يعتقدون أنّ على غيرهم التوقف عن التباكي و رؤية الشرّ في كل مكان. لكنهم يقولون أيضًا أنه يجب علينا أن نظل يقظين وأن تبقى أعيننا مفتوحة. هناك خيار ينبغي تحديده بين اليقظة والقلق اللذين يتسبّبان في العمل، أو الثقة التي تؤدي إلى فتور الحريّة ووفاتها.

لم يعد هناك وقت للثقة، فالثقة لا قيمة لها ما لم تقترن بالأفعال. لا يحتاج جهاز بقوّة الدولة لأكثر من من أسبوع لتفعيل القرارات والإرادات، لكن قريبا ستكون قد مرّت ثلاثة أشهر على ثورتنا المفترضة. ما الذي فعلته هذه الثورة عدا التغيير الشّكلي لمالكي الدّولة؟

إنّهم يضحكون على ذقوننا.. وشئنا أم أبيْنا فذلك هو الواقع السّياسي في تونس ما بعد الثّورة. ما يحدث منذ مدّة في البلاد له إسم مُحدّد: استراتيجيّة التوتـّر.. وهي إحدى أساليب الثورة المُضادّة التي وُضعت في أواسط ستّينات القرن الماضي لمواجهة الزّخم الثوري الشّعبي الذي كان يُريد التخلّص من رواسب الأنظمة الفاشيّة التي بقيت بعد الحرب العالميّة الثانية.

الأمر ليس بأسطورة تُستعمل لإثارة الذعر، بل هي بيانات استراتيجيّة وتاريخيّة يمكن التحقق منها بسهولة، وعلاوة على ذلك، هي مادّة يتمّ تدريسها في أغلب المدارس العسكريّة في العالم.

ماهي استراتيجيّة التوتر؟ إذا أردنا تفسير المبدأ باختصار سيكون من الكافي تشبيه المجتمع بلولب في حالته الطّبيعيّة المسترخية (أي أنّ التحكّم فيه يكون سهلاً). هذا اللولب يتقلّص بفعل الإضطرابات الإجتماعيّة والإحتجاجات الشّعبيّة (وهو ما يمثــّل تحدّيا للسّلطة الحاكمة). ولكي لا ينكسر اللولب، تنكبّ السّلطة على زيادة التوتّر بأساليبها الخاصّة والمصطنعة إلى أن تبلغ النّقطة التي تعتبرها غالبيّة المجتمع النّقطة القصوى للتوتر، والتي تخشى بعدها الكسر النهائي أو الذي لا يمكن إصلاحُه.

بعبارة أخرى، تتمثل استراتيجيّة التوتر في تحكّم السلطة السياسيّة بانفعالات مجتمع ما بُغية تنظيم مصطنع للتوترات الإجتماعيّة والشّعبيّة صُلب نفس المجتمع، وذلك حتّى لا يضيع عليها التحكّم في المجتمع ولا سلطتها السّياسيّة عليه.

تطبيق هذا المبدأ على جميع الأحداث الاجتماعية والسياسية الجّارية في تونس سيجعل أكثر وُضوحًا. فمن تكاثر الأحزاب السّياسيّة (الذي لا يمكن أن يكون مصادفة بريئة) إلى تهديدات "المتطرّفين دينيّا"، ومُرورًا بالنقاشات حول مواضيع جانبيّة لا لُزوم لها ولا تُثير سوى الجّدل (كالعلمانيّة)، كلّ هذا تمّ تقطيره بطريقة ماكرة وقريبة إلى السّحر طيلة الشّهر الماضي، وتمّ نشره في المجتمع عبر المكان الوحيد الذي تمّ الحفاظ عليه دون أيّ تغيير: الصّحافة والتلفزيون.

تكاثر الأحزاب السّياسيّة

ها نحن أمام أكثر من خمسين حزبا سياسيّا في تونس اليوم. يُذكر أنّ أحد أوّل الأحزاب التي حصلت على ترخيص جديد هو حزب النّهضة الذي سبّب ضجّة كبيرة، ثمّ سمعنا عن حزب "الوطن" لجغام وفريعة، ثمّ أخيرًا "المبادرة" لكمال مرجان.

طبعًا، هذا التكاثر الغير مقيّد ليس بسبب السّلطة نفسها، ولكنّه يساعدنا في إضافة بُعد هامّ في نظريّة "استراتيجيّة التوتـّر" وهو "الوكيل اللاإرادي" أو "الأبله النـّافع". فعندما ترغب السّلطة في نزع فتيل التوتر تلجأ عادة إلى مثل هؤلاء "الوكلاء"، وهُم الأفراد أو المجموعات التي تظنّ أنّها تتحرّك من أجل فكرتها ومصالحها الخاصّة ولكنّها في النهاية لا تفعل أكثر من تحقيق مصالح ليست لها حولها أدنى فكرة.

وبالعودة إلى مسألة الأحزاب السّياسيّة، لا شكّ أنّ العديد من الأفراد دفعتهم المثاليّة السّياسيّة أو الطّموح المُفرَط أو الرّغبة التي طالما أحبطتها سياسة الحزب الواحد إلى الشّروع في مغامرة إنشاء حزب سياسي، إلاّ أنّ دور هذه الحكومة الإنتقاليّة يكمُن في ضمان الإنتقال السّلس و إجراء الإنتخابات في أفضل الظّروف الممكنة. ولسائل أن يسأل: لماذا تتشابه أغلب الأحزاب التي سلّمتها هذه الحكومة تراخيصًا كتشابه قطرات الماء؟ لقد كان على هذه الحكومة أن تنظّم إنشاء هذه الأحزاب بطريقة فعليّة، وذلك بالرّبط بينها وبين مؤسّسي الأحزاب الصّغيرة المتشابهة.

ونجد أنفسنا اليوم أمام عدد مُضحك من الأحزاب السّياسيّة التي يخلو أغلبها من المناضلين والتي لا يعرف أحدٌ عنها شيئا. يخلق هذا العدد لدى الشّعب مناخًا من القلق والذعر، مناخٌ يعمل المعلّقون في وسائل الإعلام على تأجيجه بتكرار هذه الفكرة "هذا الثراء لن يؤدّي إلاّ إلى تشتيت الأصوات في الإنتخابات القادمة، وهذا التّشتيت سيسمح للمتطرّفين بالصّعود".

التّهديد بالمتطرّفين دينيّا

منذ عودة راشد الغنّوشي، خيّم على تونس - أو على الأقلّ جزء من تونس - طيف الإسلام السّياسي. فمِن المظاهرات أمام بيوت الدّعارة إلى صلاة الجّمعة في شارع الحبيب بورقيبة ومرورًا بالمظاهرة أمام الكنيس اليهودي و الحوارات التّلفزيّة المُكرّرة والممجوجة مع الشّيخ مورو، لا يُدَّخـَرُ شيء للإيهام بأنّ متشدّدي الإسلام السّياسي في كلّ مكان وجاهزون للإنقضاض على السّلطة.

ويمثّل كلّ هذا عنصرًا أساسيّا في أيّ استعمال لاستراتيجيّة التوتر: يتمّ تضخيم "عدوّ يتربّص بالقيم الأساسيّة للمجتمع" بطريقة تجعل هذا الأخير يشعُر بالعزلة والغرق. الميزة الأساسيّة لهذا العنصر هي أنّه يقسم الشّعب إلى قسمين ويجعل الآراء أكثر تطرّفا، ولا داعي هنا للتذكير باستعمال الرّئيس الفرنسي فرونسوا ميتران للجّبهة الوطنيّة خلال الثّمانينات حتّى يصل إلى ولايته الثّانية.

مرّة أخرى يجدُر التساؤل: لماذا؟

لماذا تستمرّ هذه الحكومة الإنتقاليّة في شيطنة وتشويه نوع معيّن من المعارضين السّياسيّين وفي نفس الوقت تترُك المجال لأولئك "المحتجّين" الذين لا يحترمون القانون؟  
  
لماذا تتعامى الشّرطة عن المتطرّفين الذين يزرعون الفوضى ولا تعتقل إلاّ النشطاء الشبّان الذين يعبّرون عن رأيهم بطريقة سلميّة؟

مرّة أخرى، لا يعني هذا أنّ هؤلاء المتشدّدين غير موجودين فعلاً كقوّة سياسيّة، ولا أنّهم مدفوعو الأجر أو مُرسلون من طرف هذه الحكومة، كلاّ! ولكنهم أيضا جزء من "البُلهاء النّافعين" الذين تترُك لهم السّلطة الحبلَ على الغارب. وفي نفس الوقت الذي تنتشر فيه فيديوهات "إنجازاتهم"، لا تبخل عليهم وسائل الإعلام بمزيد نشرها.. وها نحن في درجة إضافيّة من الذعر الذي أصاب المجتمع المُرتعب أصلاً.

لجنة الفراغ

الحديث هنا حول اللجنة ذات الأسماء المتنوّعة والمتغيّرة والتي يرأسها بن عاشور. لو كانت لدينا حقا ثورة مكتملة لكانت هذه اللجنة هي المجلس التّأسيسي. لكن بدلا عن ذلك، لدينا الآن ما يُشبه وحشا برأسين.. عاجزٌ ولا يشبه شيئا.. وخاضع تمامًا لإرادة إثنين من الطّاعنين في السنّ وجدا نفسيهما على رأس دولة تحاول النّجاة من العاصفة الثوريّة التي هبّت عليها.

ها نحنُ إذن مع لجنة يُنتظر من أحد رأسَيْها أن يُقدّم إقتراح قانون انتخابي للرّأس الثاني (الذي لا يعرف شيئا أكثر من ذلك)، ثمّ في نهاية المطاف، ستخضع مماطلات هذين الرّأسين معًا لقرار العجوزَيْن الذيْن يرأسان الحكومة.

كنّا نودّ أن يتمّ كلّ هذا بشكل جيّد ودون مخاوف، إلاّ أنّ هذه اللجنة ذاتها مصدرٌ للقلق والتوتّر لدى جزء من التونسيّين الذين لم تتمّ توعيتهم سابقا بالمسائل القانونيّة المتعلّقة بسير الإنتخابات، والذين يبقى تمثيلهم داخل هذه اللجنة محلّ تساؤل إلى اليوم.

أغلب المعلومات المتعلّقة بهذه اللجنة تتحدّث عن توترات داخلها وخلافات بين أعضائها و نصوص قانونيّة لا نعرفُ مَن اقترحها ولا مَن كتبها ولا مَن سيصوّت عليها. هذا الغموض حول آليّات عمل هذه اللجنة، مضافًا إلى صعوبة الموضوع نفسه لدى المبتدئين، يقودان الشّعب إلى خشية حدوث الأسوأ في الإنتخابات القادمة. ورغم أنّه من المفروض أن تكون هذه الإنتخابات خطوة تثير التفاؤل، يُنظر إليها الآن كمصدر للقلق والرّيبة. 

المواضيع المُصطنعة المثيرة للشّقاق

يتمّ إقحامنا كلّ يوم في مناقشة عامّة لمواضيع مُستوردة و مُصطنعة تمامًا ولا علاقة لها بخطورة واقعنا السّياسي، ويبدو الأمر وكأنّ مناقشي هذه المواضيع من سياسيّين يُريدون إبعاد الرّأي العامّ عن القضايا الحرجة فعلاً في تونس. 

ها نحن إذن عالقون في مسائل سخيفة تُخلّف في أفضل الأحوال إحساسًا بالغُربة عن المشهد السّياسي في البلاد، وفي أسوئها شعورًا بأنّ السّياسة مثل كرة القدم؛ أي 
أرضيّة يُمكننا إختيار أحد جانـِبَيْها والتنازع بطريقة عبثيّة للوصول إلى هدف يشفي الغليل. وهذا ما تتـّسم به تلك النقاشات ذات العُقم الفادح والتي تبقى غير مثيرة للإهتمام رغم الحاجة إليها.

إنّ التهديد بضرب القيم الأساسيّة للمجتمع التونسي (أو ما يُروّج لها على أنّها كذلك) لا يُضيف سوى المزيد من الإحتقان وكراهية الآخر.

وسائل الإعلام

تُساهم هذه الوسائل (التي لم يتغيّر مالكوها ولا مسيّروها ولا مديرو برامجها) بصفة محوريّة في استراتيجيّة التوتر، فهي النقطة المركزيّة التي تنطلق منها بقيّة النقاط المذكورة في هذا المقال. 

وتجدر الإشارة إلى أنّ التواطؤ بين السّلطة ووسائل الإعلام لا يزال على حاله، كما كان قبل 14 جانفي 2011. فبالنّسبة للقناة "الوطنيّة"، لا داعي لمزيد شرح كيفيّة التواطؤ ولا الغاية منه. أمّا بخصوص قناة "حنّبعل"، فقد كانت الضّربة التي وُجّهت للعربي نصرة في أيّام الثورة الأولى كافية لضمان ولاء قناته للنظام الجّديد. ويبدو أنّ طارق بن عمّار (أحد مالكي قناة نسمة) يستثمر الثّورة بطريقة تجعله غير مطالب بتقديم براهين على تواطئه وقناته مع الحكومة الإنتقاليّة.

ومن الواضح على أيّ حال أنّ على استراتيجيّة التوتر أن تتمكّن من السّيطرة على وسائل نشر المعلومات حتّى تكون فعّالة. إذ بغياب هذه السّيطرة لن تكون المعلومات نفسها وقد يتمكّن التونسيّون من إكتشاف الخداع والتلاعب.

وَجب إذن على الثوريّين أن يفهموا أنّ الثورة من الآن فصاعدًا ستتمثّل في تحرير وسائل الإعلام ونشر المعلومة الصّحيحة. ولهذا السّبب لم تتمكّن سهام بن سدرين بعدُ من الحصول على رخصة بثّ إذاعة "كلمة" على موجة الآف آم.. و لنفس السّبب لا تزال سمعتها تتعرّض للتشويه كما كان الأمر في عهد بن علي. ولنفس السبب أيضًا تعرّضت مذيعة واحدة - ثوريّة فعلا - في الإذاعة الوطنيّة للإزعاج من طرف إدارتها.

الهدف من استراتيجيّة التوتر 

من الواضح أنّ الهدف من استراتيجية التوتر التي يجري تطبيقها في تونس هو الحفاظ على خوف عميق داخل المجتمع لإبقائه مُقسّمًا ومجزّءًا. لكن هل تستهدف هذه الاستراتيجيّة الشّعب التونسي كاملاً؟ كلاّ!

الهدف المباشر لهذه الاستراتيجيّة ليس سوى جزء صغير من الشّعب، وهو تلك الطّبقة التي تمّ اختراعها بغرض خدمة السّلطة والتي نسمّيها مخطئين "الطّبقة الوسطى"، أي تلك الفئة التي يُقيم أغلب المنتمين إليها في المدن الكبرى والتي تتمكّن بعملها الشاقّ من البقاء داخل معايير الحياة الغربيّة، والتي منحها الطّاغيتان التونسيّان الحقّ في الحصول على عدد من المُتع الفاخرة الصّغيرة. قد يُثير هذا التّقسيم الإجتماعي غضب الكثير من القرّاء، ولكن ليكونوا متساهلين وليعترفوا بأنّه ليس من المُجدي أن نلوم المرآة عندما نرى فيها صورةً لا تعجبنا. 

وأخيرًا، أدعو مرّة أخرى إلى اجتماع كلّ القوى الثوريّة. توقّفوا عن التفكير في ما يفرّقكم! كفاكم وقوعًا في شراك السّلطة! ينبغي أن نطعن في الحجج الكاذبة التي يستعملونها لدعوتنا إلى "الهدوء". لقد قطعنا شوطًا كبيرًا تصعب معه العودة إلى الوراء.. ويجب علينا أن نتحلّى بالجّرأة والإرادة للوصول إلى حرّيتنا.

باريس في 7 أفريل 2011

شيران عبد الرّزاق

ترجمة: رمزي / مدوّنة المتنوشة


رابط المقال الأصلي بالفرنسيّة



read more "استراتيجية التوتر وتطبيقها على الشعوب الثائرة: تونس نموذجًا"

2011-04-09

هل نحن ثوريّون؟


مجالس و مظاهرات و اعتصامات و الشعار حماية الثورة. و هذا الإجماع على وجود أعداء الثورة و وجوب الدفاع عنها يوحي بوجود الكثير من الثوريين التونسيين، و ذلك بدءًا من الذي ناضل عقودا ضد الاستبداد، و وصولا إلى من تعشى مرقة يوم 13 جانفي و أفاق يوم غد و هو ينادي بشي غيفارا. إن الثوري لم يقلب نظاما ديكتاتورياً ليضع مكانه نظاما ديكتاتورياً آخر، و هو لا يخشى الديمقراطية أو حكم الأغلبية أو حتى طيارة فكرياً. فهل هذا هو حالنا؟

الحمد لله أن مقصلة الثورة الفرنسية لم تتحصل على الرخصة في تونس. و لكن بدل تطاير الرؤوس نرى براعةً في رياضة وطنية جديدة و هي كيل التهم و حبك الاشاعات. شريط وراء شريط و مقالات تدعي العلم المُطلق و الفهم الخارق، و أعيب على بعض الحمقى الذين يديرون صفحات فاسبوكية "مستنيرة". أما عن الصحفيين الحقيقيين، لنكن طيبين.

كيف لصحفي كانت الصحافة آخر خيراته في ورقتي التوجيه، و كان يكتب منذ 3 أشهر عن تسريحة شعر ديفيد بيكهام أن يتحول إلى صحفي كفء؟ إن الثوري لا يقصي، بل هو مستعد لكي يكون معارضا أضحى أوجدته الانتخابات في تقى الوضعية. و لكن الأسهل هو نعت الاسلامي بالإرهابي و العلماني بالكافر اليهودي و الشيوعي بالديناصور (و ليس بمعنى القوة بقدر الإنقراض). هذه نصيحة لكل من أراد أن يكون حزبا دون مشاكل : احلق اللحية و الشوارب، و سم حزبك إسما لا يدل على أي إنتماء مثل " التقدم الثوري و العدالة و الديمقراطية من أجل الوطن". 

الكثير لا يهتم بالمحتوى و القيم و البرامج بقدر الشكل و الأسماء، و كما يقول كونفوشيوس :" عندما يشير الحكيم إلى القمر، لا يرى الأحمق سوى الاصبع". الشيوعيون الفرنسيون مع السوق الحرة، و الحزب الحاكم في ألمانيا هو "المسيحيّون الديمقراطيون"، و كل البلدان اللاتينيّة العلمانيّة تدفع راتب الاسقف و تستثمر في التعليم الديني. و لكن لا تغرنكم المظاهر: الشيوعي التونسي يريد دولة سوفيتية، و الإسلامي التونسي يريد خلافة عباسية، و العلماني التونسي يريد تحويل المساجد إلى علب ليلية. 

شادي الرّياحي
read more "هل نحن ثوريّون؟"

2011-04-04

رسالة إلى صحافتنا المتلوّنة


شهد المشهد الإعلامي في تونس تنوّعا واضحا منذ الإطاحة برأس الديكتاتورية.. صحافة تتخبط بين الماضي والحاضر محاولة التمشّي مع واقع المشهد التونسي إن لم نقل الجملة المشهورة:محاولة الركوب على الثورة، فتلك الصحافة المعروفة في وسط الشارع التونسي بالصحافة الصفراء لم تكلّف نفسها عناء الإعتذار عن مغالطتها للرّأي العام وهتك أعراض الناس في محاولة بغيضة لكسب ودّ فرعون وجنوده...

نعم، بكلّ وقاحة أطلّت علينا وجوه باعت ضمائرها وأقلامها ورسالتها في ثوب ثوريّ لم يتناسب مع ماضيها ولن يتناسب مع مستقبلها.. فعهد الصحافة الصفراء قد ولّى وحان الوقت للفكر الجديد وللتشبيب بعيدا عن الإنتماءات الضيّقة والمطامع الشخصية. فإنّي أستغرب ممّن راهن على نظام أو رئيس ودافع عنه بكل قوة وضراوة أمام منتقديه و معارضيه أن يتنصّل من المسؤولية بسهولة وبتعلّة "كنا نتعرّض لضغوطات".. عجبا بعد ان كانوا الذراع الإعلامية للدكتاتورية أصبحوا آلة سب الديكتاتورية.. أقولها وأتمنّى لمن خان تونس وباع رسالته تحت أي ظرف أن يعي أن الشعب التونسي صدره رحب ومسامح بطبعه فلا تتأخرو بالإعتذار لنبدأ صفحة جديد مع إعلام جديد. 

مروان الشّرايـڨي 

read more "رسالة إلى صحافتنا المتلوّنة"

2011-04-03

السّبب الحقيقي للخوف هو الجّهل


تابعتُ على الفايسبوك ضاهرةً جديدة بعد الثورة التونسية و هي فتح "جروبات" لها عناوين حمقاء مثل : "لا للمرزوقي لا للمكي نريد وجوها جديدة" (و لو جاء شخص غير معروف لاتهموه بالإنتهازية و سرقة الثورة)، و لاحظت خاصةً تهجماً شارف الهستيريا على الإسلاميين : "لا للغنوشي"، "لا للأحزاب الإسلامية في تونس"، "الغنوشي هو الملا عمر الجديد"... و هذه ليست معارضة بل هي إقصاء و دعوةٌ للمقاطعة. و أنا اكتب هذا المقال لا دفاعاً عن الإسلاميين، بل دفاعا عن هذه الديمقراطية التي لم يتجاوز عمرها 3 أشهر.

أما عن الرافضين للأحزاب الاسلاميّة فهم أنواع شتى، و تختلف وجهة نظرهم. فهناك من يقول أن الإسلاميين أقلية متطفلة لا تمثل التونسيين. و لو كانت كذلك فلما كل هذا الخوف منها؟ و هل أنّ كل حزب يمثل اقلية وجب إلغاؤه؟ انها لمن المفارقات لدى أشخاص تدّعي الديمقراطية و تدعو إلى عكسها. و يمكن أن نجزم أنّ عدّ الإسلاميين قلةً هو خلط الرغبة بالواقع، حيث أنها كانت أكبر قوة معارضة في 1989، و الغالب أن أغلبية مناصريها في ذلك الوقت لم يموتوا بعد!! إننا لن نعرف ميزان القوى في الحاصل السياسي التونسي حتى نقوم بالإنتخابات.

من جهة أخرى، هناك من يبتعد عن السطحية و يعيب على الإسلاميين برامجهم و أفكارهم. و أكرّر أن المعارضة من أسس الديمقراطية، و لكن المقاطعة و الاقصاء وجه من وجوه الإستبداد. فماذا يعاب إجمالاً على الإسلاميين؟ إن الكثير في تصورهم للإسلاميين يضعون طالبان و حزب العدالة و التنمية في خانة واحدة. و لو كان التونسيون يكرهون الملا عمر و اردوغان لالتزمتُ الصمت، و لكنني أمام إزدواجيةٍ فيها قصر نظر كبير: يستطيع الكثير من الناس القول أن الغنوشي سيسلحنا بالأحزمة الناسفة و يبعث بنا لامريكا، و في نفس الوقت يؤمنون بأن إيران بطلة في مواجهتها للغرب، و بأنّ حماس وحزب الله هي الحركات الوحيدة للمقاومة، و بان أردوغان زعيم نرفع به الرأس. فلنتساءل هنا: مَن مِن الدّاعين إلى مقاطعة الاحزاب الإسلامية قرأ كتاباً أو ناقش فكرًا للإسلاميين التونسيين؟ د. عزمي بشارة يعدّ كتب الغنوشي مراجعة للحركة الإسلامية التركية.

إنّ سبب الخوف الحقيقي هو الجّهل

شادي الرّياحي
read more "السّبب الحقيقي للخوف هو الجّهل"

2011-04-01

ستار أكاديمي وشباب الثورة


ينطلق اليوم البرنامج الذي شدّ الملايين لسنوات بديكوره الباهر والإمكانيات الماديّة الضخمة التي تقف وراء نجاحه "ستار أكاديمي" في موسمه الثامن.. هذا البرنامج الذي فتح الباب على مصراعيه لبرامج الواقع في العالم العربي وطالما أثار جدلا واسعا بين مؤيد ومعترض على طبيعة المادّة الإعلامية المقدمة من خلاله فاتـُهِم بتهميش الشباب والتسويق للتفسخ الأخلاقي وذهب الأمر بالبعض إلى اعتباره مؤامرة صهيونية ماسونية للقضاء على الشباب العربي وسلخهم عن الهوية العربية الإسلامية..

ولعل آخر نسخة لستار أكاديمي كانت الأكثر فضائحيّة خاصة من وجهة نظر الشباب التونسي الذي لم يغفر للمشاركتين التونسيتين الوجه الغير مشرّف الذي قدّمتاه عن "بنات تونس" والشّعب الذي طالما كان سفرائه في الفن أو الرياضة وغيرها واجهة مشرفة إلى حد ما.. ورغم أن البعض صرّح أنهما لا تمثلان إلا نفسيهما فالغالبية اعتبرت مشاركتهما إساءة لسمعة تونس ووصل الأمر بالبعض إلى الدعوة لمحاكمتهما.. ومن عراك أسماء وبدرية المتواصل إلى الشبهة التي حامت حول علاقة أسماء بالمصري محمود شكري الشيء الذي جعل معظم الشباب التونسي ينفر من هذا البرنامج بل ويشتم عبر فضاء التواصل الاجتماعي كلتا المشاركتين وخاصة أسماء ومسيّري البرنامج.. الفضائح لم تقف عند هذا الحد فلا الأردنيّون كانوا راضين على ممثلهم رغم تألقه لاستسلامه المفرط لأوامر صديقته التي وصفت بالمجنونة من شدة غيرتها عليه ولا العراقيّون كانوا راضين على ممثلتهم.. وغيرهم كثيرون.. وانتهى مسلسل ستار أكاديمي بفاجعة كبرى تتمثل في وفاة اللبناني رامي شمالي في حادث سير في مصر مما أثار استياء عدد كبير من المصريين والعرب عموما واتهموه بالعربدة وسط الطريق والقيادة المتهوّرة التي أودت بحياته وحياة آخرين في حين رفضت عائلته التسليم أن ابنها هو من كان يقود السيارة ووجهوا أصابع الاتهام للمشارك المصري شكري..

أسئلة كثيرة مطروحة الآن هل أن طبيعة هذا البرنامج لازالت تلقى رواجا عند شباب الثورات في تونس أو مصر.. الشّباب الذي ضحّى بالغالي لأجل خلع جلاّديه .. الشباب العربي الذين خرج دفاعا عن حقهم في حرية التعبير والحياة الكريمة وهتف ضد حكّامه أو طالب بالإصلاح في كلّ من ليبيا والجزائر والمغرب وسوريا والأردن واليمن والبحرين..؟؟

هل مازالت مثل هذه البرامج المعتمدة على الغناء والرقص ونشر خصوصيات الأفراد إلى حدّ الابتذال أحيانا تغري الشباب العربي وتجلب انتباهه..؟؟ 

هل سيطلّق الحديث عن فلانة وفلان و"ستار أكاديمي شو" وآخر أخبار "الصحف الصفراء" كما طلّق الحديث عن "الكرة"..؟؟

هل حرّرت الانتفاضات العربية المتتالية وعي الشباب العربي وجعلته يهتم أكثر بالمشهد السياسي الذي غاب عنه لعقود مكرها..؟؟ 

آمل أن تحمل الأيام القادمة إجابة شافية..

مديحة بن محمود

read more "ستار أكاديمي وشباب الثورة"

حتى لا تـُكبّلنا ديكتاتورية الثورة

طالعتنا منذ بداية الثورة دعوات عديدة من مختلف الجهات للقصاص من فادية حمدي تلك المرأة عون التراتيب التي زُعم أنها صفعت المرحوم البوعزيزي الشيء الذي حزّ في نفسه فانتحر حرقا.. هذه المواطنة التونسية تم إيقافها منذ أشهر ولم توجّه لها حتى الآن أي تهمة ممّا اضطرها للدخول في إضراب جوع احتجاجا على الظّلم المسلّط عليها… 

الشعب يُصدّق رواية واحدة.. فادية رمز للفساد الإداري في تونس حاربت البائع المتجول في رزقه وأرادت افتكاك عربته والميزان لأنه مخالف للقوانين وصفعته فثار لكرامته وأمام الأبواب الموصدة أحرق نفسه واشتعلت البلاد.. ولكن من حق فادية تقديم روايتها أيضا للقضاء وجلب شهود يؤيدونها فهي وكما قالت لم تكن ردّة فعلها سوى ثأر لكرامتها التي بعثرتها كلمات البوعزيزي الخادشة لحيائها كامرأة وهي رواية معقولة جدا.. 

هذه السيّدة دفعت هي وعائلتها ثمنا باهظا لا يستطيع أحد دفعه.. ويحاسبها الجميع وكأنها هي من أعطت الأوامر للقناصة ومن أسقطت الشهداء.. كأنها هي من استولى على الأموال العامة وقامت باغتصاب الأراضي والعقارات وعاثت في البلاد فسادا طيلة عقود.. ووضعت في نفس كفة الميزان هي وسيدة تونس الأولى سابقا.. تخيلوا معي هذا السيناريو فادية موظفة تونسية تعاني الأمرين من الوظيفة تعمل طول اليوم وسط سخط ولعنات الباعة وغيرهم وتتقاضى ملاليم لها مشاكل عائلية لا حصر لها ذات يوم وبينما كانت تقوم بوظيفتها المعتادة تطاول عليها أحد الباعة وأسمعها كلاما يخدش الحياء أو قام بسبّها أو ما شابه ذلك وهذا شيء متوقع ففي نظره هي تريد مصادرة مصدر رزقه ومن وجهة نظرها هي تقوم بعملها.. غضبت عون التراتيب وأصابتها هستيرية "أنا نخدم نهار وطوله لا يزينيش همّ الدار وهمّ الخدمة يزيد الي يسوى والي ما يسواش يسمعني ما نكره يلعن هالعيشة" وانتحرت حرقا ماذا سيكون مصير البوعزيزي هل سيطالب بمحاكمته هل سيطالب بإعدامه هل تلتصق تهمة العار بأهله.. لا أعتقد ..

فمن الظلم أن تعاقب فادية على جرائم أكبر حجما منها لم ترتكبها.. 

ومن الظلم أن تختزل سنوات النضال علنا وسرّا.. في حادثة انتحار فردية..ومن الظلم أن ننسى كل الذين قبعوا في دهاليز الداخلية وتلقوا ألوانا من العذاب والذين حوربوا في رزقهم ونفوا للخارج لأنهم انتموا للمعارضة ولا نخلد إلا اسم البوعزيزي.. من الظلم أن ننسى تضحيات من قهروا الخوف في سيدي بوزيد والقصرين وقفصة وصفاقس وكامل الولايات إلى أن بلغ السيل العاصمة و ننسب الثورة لرجل واحد.. ومن الظلم أن تمنح عائلة البوعزيزي الملايين والمجد والشهرة ولا يمنح من تعذبوا ل23 سنة وأكثر ومن سقطوا برصاص أعوان الداخلية الشهداء الأصليين إلا ملاليم وابتسامات صفراء..

واخشى ما أخشاه أن يفيق أبناء شعبي الذين تعودوا على التأليه وتقديس الأساطير على كابوس..

مديحة بن محمود
read more "حتى لا تـُكبّلنا ديكتاتورية الثورة"