تابعتُ على الفايسبوك ضاهرةً جديدة بعد الثورة التونسية و هي فتح "جروبات" لها عناوين حمقاء مثل : "لا للمرزوقي لا للمكي نريد وجوها جديدة" (و لو جاء شخص غير معروف لاتهموه بالإنتهازية و سرقة الثورة)، و لاحظت خاصةً تهجماً شارف الهستيريا على الإسلاميين : "لا للغنوشي"، "لا للأحزاب الإسلامية في تونس"، "الغنوشي هو الملا عمر الجديد"... و هذه ليست معارضة بل هي إقصاء و دعوةٌ للمقاطعة. و أنا اكتب هذا المقال لا دفاعاً عن الإسلاميين، بل دفاعا عن هذه الديمقراطية التي لم يتجاوز عمرها 3 أشهر.
أما عن الرافضين للأحزاب الاسلاميّة فهم أنواع شتى، و تختلف وجهة نظرهم. فهناك من يقول أن الإسلاميين أقلية متطفلة لا تمثل التونسيين. و لو كانت كذلك فلما كل هذا الخوف منها؟ و هل أنّ كل حزب يمثل اقلية وجب إلغاؤه؟ انها لمن المفارقات لدى أشخاص تدّعي الديمقراطية و تدعو إلى عكسها. و يمكن أن نجزم أنّ عدّ الإسلاميين قلةً هو خلط الرغبة بالواقع، حيث أنها كانت أكبر قوة معارضة في 1989، و الغالب أن أغلبية مناصريها في ذلك الوقت لم يموتوا بعد!! إننا لن نعرف ميزان القوى في الحاصل السياسي التونسي حتى نقوم بالإنتخابات.
من جهة أخرى، هناك من يبتعد عن السطحية و يعيب على الإسلاميين برامجهم و أفكارهم. و أكرّر أن المعارضة من أسس الديمقراطية، و لكن المقاطعة و الاقصاء وجه من وجوه الإستبداد. فماذا يعاب إجمالاً على الإسلاميين؟ إن الكثير في تصورهم للإسلاميين يضعون طالبان و حزب العدالة و التنمية في خانة واحدة. و لو كان التونسيون يكرهون الملا عمر و اردوغان لالتزمتُ الصمت، و لكنني أمام إزدواجيةٍ فيها قصر نظر كبير: يستطيع الكثير من الناس القول أن الغنوشي سيسلحنا بالأحزمة الناسفة و يبعث بنا لامريكا، و في نفس الوقت يؤمنون بأن إيران بطلة في مواجهتها للغرب، و بأنّ حماس وحزب الله هي الحركات الوحيدة للمقاومة، و بان أردوغان زعيم نرفع به الرأس. فلنتساءل هنا: مَن مِن الدّاعين إلى مقاطعة الاحزاب الإسلامية قرأ كتاباً أو ناقش فكرًا للإسلاميين التونسيين؟ د. عزمي بشارة يعدّ كتب الغنوشي مراجعة للحركة الإسلامية التركية.
إنّ سبب الخوف الحقيقي هو الجّهل
شادي الرّياحي
7 تعليقات:
z'aime, bravo, bon article
23 سنة من الجهل و التعتيم السياسي لنشر ثقافة الحزب الواحد و اللّون الواحد مع ترأس رئيس الدولة الحزب الحاكم و هي مظلمة سياسيّةكبرى راينا نتائجها في قمع المعرضة و استعمال اساليب مخجلة في ذلك... كلّها عوامل زرعت الخوف و الجهل فينا لتصتبح السياسة تابو لا نتجرّأ على مناقشته و من الصعب مسح هذه الرواسب في 3 اشهر
bravo
la meme chose pour les communistes....
واصل , المشكلة الجماعة الي ضد الإسلاميين لا يقبلون الحوار و لا يعترفون بالحقائق و خاصة ليس لديهم حجج و أفكار بل شغلهم الشاغل هو التجرييح و السب و الشتم و الإستهزاء و هتك أعراض الناس هل هؤلاء من يمكن أن يضمن الديمقراطية ؟ هل هؤلاء الذين لا يملكون لا الدين و لا الأخلاق و لا أسلوب الحوار و لا حتى علم , بكل صراحة يجب نشر وعي الديمقراطي
نعم هذا ما ينقصنا ... النقد البناء ، الأحكام المسبقة هي إلي هلكتنا خاطر التونسي كي تسألو على حاجة و هوا حتى يبدا ما يعرفهاش لازم يجاوبك ، و و الرأي إلي اختارو يكابيش فيه حتى كي يبدا عارف روحو غالط
Très bon article, mais vous oubliez les laïques islamophobes et les libéraux qui ont peur pour leur décadence morale.
Blog très perspicace et objectif, mes félicitations !
إرسال تعليق