2011-04-27

هل مازال هناك امل لمستقبل مشرق لجامعاتنا التونسية؟


لا يخفى على عاقل حدة تدهور مستوى الشهادات الجامعية التونسية. فهاته الشهادات, التي لطالما كانت فخرا لتونس, و لجامعاتها التي و ان لم تكن تبلغ مستوى مرموقا على المستوى العالمي الا انها كانت مكانتها مميزة عربيا و افريقيا. فلا عجب ان نظرنا في ترتيب الجامعات التي قامت به جامعة شانغهاي, و لم نجد فيه اي جامعة تونسية من بين الـ500 الاوائل. الاسباب عديدة و متنوعة, و ليست وليدة الساعة, بل تاتي نتيجة لتراكمات عديدة, نذكر ابرزها

  • اولا لا يمكن ان ننكر ان المناخ السياسي و الاجتماعي الذان كانا يطغيان على البلاد منذ فترة ليست بالقصيرة, و التي تتسم بغياب تام للحريات و بقمع وحشي لكل ما يتصل بالطلبة و الباحثين قتل الملكة الابداعية الاكاديمية التي فيهم, فعند دخولنا لمعهد جامعي يلفت انتباهنا غياب تام للابداعات الفكرية للطلبة, و للانشطة الثقافية, ما عدى عدد قليل منهم, و حتى ان وجدت فهي ليست في مستوى النهوض بفكر هؤلاه الشباب, الذين لم يعد همهم الوحيد الا الحصول على شهادة جامعية تعني لهم بداية واعدة لحياة مفعمة بالبطالة, مقابل وجود مكثف لما كان يسمى بالامن الجامعي. يضاف الى ذلك تدهور مستوى صعوبة الامتحانات و الضعف النوعي في برامج مختلف الاختصاصات, الشي اللي يجبر اي خريج جامعة الى الخضوع الى تكوين مطول قبل الشروع فعليا في ممارسة شغلهم
  • ضعف التكوين القاعدي للطلبة, و هذه تعد مشكلة التعليم الازلية في تونس, وهو تدهور مستوى التعليم الابتدائي و الثانوي. فتعدد التجارب المستوردة في بلدان اخرى كفرنسا و كندا و اللتي لم تثبت نجاعتها حتى في تلك البلدان يقع استعمالها بطريقة عمياء في تونس. و يتميز النظام التعليمي بعدم الاستقرار, فيقع التغيير في البرامج بصفة شبه سنوية, مما يولد عدم استقرار في النتائج و في التعاطي مع التلاميذ. من ابرز ملاحظاتي في هذا المجال : تعليم اللغات الاجنبية في السنوات الابتدائية يتم بطريقة خاطئة بيداغوجيا, مما يؤدي الى ضعف فادح في استيعاب بالمواد ابتداء من الثانوي و خاصة في الجامعة, ايضا تهميش اللغة العربية الى حد استعمالها في مادتين في الباكابوريا و غيابها كليا في الجامعات(عدى مسالك الاختصاص بالطبع), التخلي عن طريقة الحفظ و استعمال طريقة الاستيعاب و الفهم و التحليل, و هي طريقة جيدة و لكن هل يقع تطبيقها طرق النموذجية؟ هل يمكن مثلا لمعلم او استاذ افنى عمره في تعليم مادة عبر ادخالها عنوة الى عقول التلاميذ ان يتخلى عن هذه الطريقة؟ قطعا لا. نظيف الى ذلك فساد منظومة انتداب الاساتذة, او ما يعرف بالكاباس. فالكل يعرف ان هذه المناظرة كانت شكلية و لم يكن ينجح من يستحقها
  • المستوى المادي المتدهور للاغلبية الساحقة للطلبة التونسيين لا تمكنهم من مواصلة تعليمهم الجامعي على احسن وجه, فثرة المتطلبات و تكاثر الضروريات اضحت وابلا على من لا طاقة له, خاصة من الطبقة الفقيرة و المتوسطة الدخ التي تناضل من اجل توفير قوتها, فما بالك اذا اصطرت لابتياع حواسيب, او مستلزمات رسم هندسة, او مراجع اللتي تتسم بغلاء اثمانها نسخها فقط فما بالك باسوامها هي

الحلول موجودة و هي بسيطة, لن اتطرق اليها اليوم. و لكن تبدو الطريق الى بلوغ المجد بالنسبة لجامعاتنا طويلة و شائكة, تتطلب تكاتف عديد الاطراف من سلطة الاشراف الى الطالب البسيط. فتونس مهد ثورة الكرامة لم لا تكون مهد ثورة التعليم و الابحاث و الرقي الجامعي؟

سيف الدين العكاري.

1 تعليقات:

تعليق مدونة تونس ...

مقال يلخّص ما آلت إليه الأوضاع في مجال التعليم العالي من سوء جعل من الإصلاح و إعدة هيكلة هذا القطاع ضرورة ملحّة.

27 أبريل 2011 في 5:02 م

إرسال تعليق