حول الثورة و بعض تفاصيلها و مدى تحقيقها لبرامجها، أجرت المتنوشة حوارا حول الموضوع مع الصحفي الشاب اسماعيل دبارة الصحفي بجريدة "إيلاف" الالكترونيّة و التي كانت تعرضت للحجب ايام الثورة بسسب تطرّقها لموضوع الاضطربات في تونس. وقد استضافت المتنوشة الصحفي اسماعيل دبارة و اجرت معه الحوار التالي:
المتنوشة: يرى البعض أنّ الثورة التي حصلت في تونس هي ثورة انترنات، فإلى اي مدى يمكننا الاعتقاد بهذا التصور؟
إسماعيل دبارة: من الصّعب جدا الاقتناع بهذا الطرح، ثورة التونسيين شاركت فيها عدّة قطاعات بعضها لا علاقة له بالانترنت، هذا لا يعني اننا ننكر الدور المحوريّ ليس للانترنت فحسب، بل لوسائل الاتصال الحديثة على اختلاف اشكالها. ساهمت الانترنت بكل تاكيد في تنسيق الجهود والاعلام و"طبخ" الثورة، بل نعتقد أنه لولا الانترنت لما تقدّم التونسيون اشواطا نحو التحرّر. وبالتالي الانترنت سرّعت نسق الاتجاه نحو الثورة، لكن اسباب الثورة ومسبباتها كانت قائمة منذ زمن بعيد.
المتنوشة: كيف كان موقف المعارضة خلال الثورة و بعدها؟
إسماعيل دبارة: لا يمكن أن نتحدّث عن "موقف معارضة" في المطلق، هنالك معارضات في تونس، وتحليل مواقفها يتطلّب مجلدا. لكن يمكن بالمقابل الجزم بالامور التالية:
المعارضات التونسية على اختلاف تشكيلاتها وألوانها ، كانت الحلقة الأضعف في هذه الثورة التي باغتتها أولا ولم تساهم بشكل كبير في انتاجها ثانيا ولم تنجح في تأطيرها لاحقا.
يمكن الجزم كذلك أنّ الاجتهادات السياسية بين المعارضات متباينة جدا، فالبعض انخرط في الحكومة والبعض اختار اتخاذ مسافة منها، لكن كلا الطرفين لا أسس منطقية له للعمل السياسي العصريّ الذي يتحلى بالواقعية ويقدر مصلحة البلاد أولا وأخيرا، بل تحول الامر الى مزايدات مقرفة نعتقد أن ثورة التونسيين ومستقبلها ستكون على المحكّ ان تواصل التلاعب بها من طرف سياسيين فاشلين.
المتنوشة: هل الحكومة الحالية هي حكومة انقاذ كما يصورها الغنوشي أم أنها حكومة وحدة وطنية؟
إسماعيل دبارة: لا هي حكومة انقاذ ولا هي حكومة وحدة وطنيّة. حكومة الانقاذ تتطلّب القطع نهائيا مع الشكل السابق في الحكم وأولها رموز النظام السابق وهذا ما لم يحصل، أما حكومة الوحدة الوطنية فتتطلّب مشاركة الجميع وهذا ايضا غير متوفّر في "الطبخة الحالية" التي تسمى "حكومة مؤقتة".
المتنوشة: هل يمكننا الحديث عن انتصار الثورة أم أنـّنا أمام 7 نوفمبر جديد؟
إسماعيل دبارة: انتصرت الثورة برأيي منذ هروب الطاغية بن علي والقبض على أو هروب رموز الفساد المالي والاقتصادي. حصلت ارهاصات ومنعرجات خطيرة صحيح، لكنها تفاصيل وسرعان ما يتعافى الجسد التونسيّ، فمن وقف في وجه نظام حكم عات كنظام بن علي، لن يجبن أو يتراجع أمام متآمرين على ثورة انطلقت ولا يبدو أنها مستعدة للنكوص... نتفائل قليلا.
المتنوشة: أزمة الثقة بين التونسين و بعض رموز العهد السابق، هل يمكن تجاوزها و الانتقال الى المرحلة الموالية ام ان هذه الرموز ستبقى عائقا أمام الانتقال؟
إسماعيل دبارة: رموز العهد السابق هم سبب الاشكال الحاصل، وبالتالي هم عائق اساسيّ أمام تحقيق انتقال ايجابيّ نحو مرحلة انتقالية تمهّد الطريق فعليا الى المرحلة التعددية والديمقراطية.
ومنطق الاشياء يقول : عندما تعترضك مشكلة عليك بإزاحتها، لا أن تلقيها وراء ظهرك حتى تطعنك من جديد.
والمحافظة برأيي على رموز النظام السابق سواء على رأس الحكومة أو في المؤسسات الأمنية أو في بعض الادارات الهامة هو عمل عبثيّ ستكون له تداعيات خطيرة على مستقبل تونس، فلو اراد هؤلاء الاصلاح لقاموا به منذ عقود، واليوم الشعب قال كلمته ولا داعي لتكرار نفس الاخطاء.
المتنوشة: الإعلام بعد الثورة و دوره، هل ظل محافظا على تخشبه أم أنه اصبح صوت الشارع؟
إسماعيل دبارة: اكبر نكوص يمكن ملاحظته في تونس ما بعد بن علي استهدف الإعلام. هنالك فوضى رهيبة في المشهد الاعلاميّ كشفت أن مشكلته ليست في الرقابة فقط بل في المهنيّة، وكصحافيّ أقول: لو اردنا بالفعل اصلاح الاعلام فلنبدأ بالقضاء على الدخلاء عن المهنة قبل مراجعة التشريعات وفتح هامش الحريات وتغيير الاشخاص.
المتنوشة: الإنسياق النقابي وراء مطالب سياسية هل هو نتيجة طبيعية للمرحلة أم أنه بوادر ازمة تتداخل فيها المطالب النقابية و السياسية؟
إسماعيل دبارة: لم أفهم السؤال بشكل جيد، لكن هنالك وهم مسيطر على أذهان كثيرين اسمه الفصل بين النقابي والسياسي وهذا أمر لا وجود له. النقابة هي جوهر العمل السياسي ولا يمكن الفصل بين الاثنين.
المتنوشة: التهم الموجهة لرئيس المخلوع و مدى جديّتها؟
إسماعيل دبارة: لا أسمّيها تهما بل أسميها قشة النجاة التي ألقى بها رموز العهد السابق لسيدهم لكي يضمن حياة مريحة بعيدا عن الملاحقة. هذا موضوع خطير للغاية وعلينا الاهتمام به اكثر، جرائم بن علي لا يتخيّلها عقل، أما التهم التي وجهت له فهي من قبيل (طق الحكي) الذي لا يقدم ولا يؤخر ولا يعكس حقيقة ما اقترفه ذلك الرجل.
0 تعليقات:
إرسال تعليق