عبـّاس عزاوي
بروح بدوية عالية اطل علينا عبر قناة الجزيرة القائد والاخ القديم القذافي (68 سنه)!!! ليُعيب على الشعب التونسي الثائر فداحة وخطورة قراره المصيري باسقاط الديناصور بن علي (74سنة) ويتهم الشعب بالاستعجال الغير مبرر واشاعة الفوضى واراقة الدماء في البلاد بدون جدوى.
ولان الرجل يحكم ليبيا منذ اربعين سنة فانه يرى ان صديقه بن علي لم يحكم تونس بشكل كاف ـ اي نصف مدة حكم القذافي ـ لذا فهو يعتبر ان الثورة الشعبية في تونس استعجال لايمت الى الثقافة البدوية بصلة والقاضية بالانتظار لاربعين او لخمسين سنة حتى يكون القرارحكيما ومدروسا من جميع الجوانب، فقد ورد في الاثر الصحراوي ان الرجل البدوي قد ياخذ بثاره من عدوه بعد سنين طويلة، ومع ذلك يقول انه تعجّل في اتخاذ القرار.
وماذا عنكم ياسيادة الرئيس هل الشعب الليبي صبر عليكم بمايكفي؟ للتنازل عن عرشكم قبل فوات الاوان ام انكم تحتاجون لعشرين سنة اخرى؟
عندما سقط نظام صدام الدموي في نيسان 2003 بعد حكم دام اكثر من ثلاثين سنة، كمظهر من مظاهر التغيير الحتمي والمنطقي للنُظم الدكتاتورية . شعر الكثير من القادة العرب بالخطر الحقيقي واقتراب ساعة الرحيل او ربما ساعة "السحل في الشوارع" لذا بادرت هذه الدول ببعض الاصلاحات المقننة في سياساتها الداخلية واطلاق بعض الحريات المحدودة في الاعلام والنشاطات السياسية المدجنة التي تسمح بها ذممها التسلطية. إضافة لخفض اسعار المواد الغذائية وبعض السلع الاساسية لامتصاص نقمة الشعوب، ولكن البعض من هذه النُظم الشمولية اتخذت سبيلا آخر وهو التدخل في الشؤون الداخليه للعراق والعمل بكل السُبل لاسقاط العملية السياسية والديمقراطية الوليدة واشاعة الموت والخراب عبر عملائها الخونة لتُثبت لشعوبها مدى خطورة وفداحة اي تغيير مفاجئ على حياتها وبلدانها.
ومن مظاهر الرعب الرسمي من موجة التغيير التي اجتاحت الشرق الاوسط هو قيام الجماهيرية الليبية مثلا بالتخلي وبشكل رسمي عن برنامجها النووي طوعا وتسليمه بيد الامريكان بُعيد القاء القبض على صدام في حفرة قيادته (الحركات)!!! .. ووصف احد السياسيين الليبين المنبطحين هذا الاجراء بانه قرار شجاع من قبل الزعيم القذافي !! حفظ للجماهيرية الليبية كرامتها!! وكذلك اعلان ليبيا من جهة اخرى مسؤوليتها الكاملة عن حادثة "لوكربي" الشهيرة وتعويض ذوي الضحايا بمبالغ طائلة تصل الى 10 مليون دولارعن كل ضحية كافضل نوع من انواع الانبطاح الوقائي للبقاء في الحكم مدة اطول.
هذا الديناصور وغيره من الديناصورات العربية التي تحكم البلاد العربية منذ عقود تأبى الانقراض رغم انتهاء العمر الافتراضي لها وانقضاء العصور( الطباشيرية) الانقلابية وبيان رقم واحد. فهي مازالت تمارس لعبة حالة الطوارئ والارهاب المنظّم في بلدانها لأحكام القبضة الحديدية على الشعوب وبحجج واهية وقديمة، مثل العدو الخارجي، اسرائيل، الامبرالية العالمية، الاسلام المتطرف، الفوضى والموت والخراب في حالة سقوط النظام .. الخ... الخ.
يقول المثل العربي الشهير "لايصلح العقار ماأفسده الدهر" والذي يشيرالى ان افضل انواع الترميمات والعلاجات الطبية والتجميلية لايمكن لها اصلاح الوجوه المترهلة والاجساد المتهالكة التي بدت واضحة في صور الحكام العرب المخضرمين وكأنهم مومياوات متحركة وبعيون نصف مغلقة وبراطم مُتهدله، لان اجمل واصغر ديناصور(حاكم) عربي بلغ من الكبر عتيا. رغم الجهود الواضحة والاستثائية من فناني المكياج والتجميل على تلميع وتحسين هذه الاشكال المخيفة، لتطل علينا بين الحين والاخر لالقاء الخطب وتوجيه الرسائل التبريرية المقتضبة جداً لانهم غير قادرين على الصمود امام الكاميرات لاكثر من نصف ساعة.
والمشكلة الرئيسية لاتكمن فقط في بقاء هذه الكائنات المعمّرة متسلطة على رقاب الشعوب لسنوات طويلة وحسب بل المشكلة الاخطر تتجسد في تهيئة الارضية المناسبة للورثة الغير شرعيين من ابنائها او احزابها لتتولى زمام الامور في البلاد فيما لو فطس الديناصور الاكبر!!. لتدخل الشعوب المسكينة من جديد في دوامة من الازمات المفتعلة والمشاكل الاقتصادية والسياسية العويصة والتي ربما تمتد لسنوات طويلة اخرى.
0 تعليقات:
إرسال تعليق