2011-02-08

تونس…ثورة مهيكلة بلا قيادة


revolution tunisienne 2011
ان اعتقاد البعض أن ما حدث في تونس من انتفاضة شعبية حملت مطالب اجتماعية بالأساس في بادئها لتنتهي إلى ثورة تطيح برأس النظام, كان عملا عفويا غير خاضع لتنظيم معين في لحظة منفصلة عن سياقها التاريخي و السياسي, هو اعتقاد يردّ على أصحابه.
و إن كان عن حسن نيّة أو سوء نية, كما يسوق له فهو يهدّد البرّنامج الذي رفعته الثوّرة حيث يقدمه هذا التصور على أنه برنامج جاء لحظة انفعال و في لحظة عفوية و يمكن التناقش في مضمونه.
إن النظام السابق و على رأسه بن علي قد نظّم المجتمع التونسي بطريقة معقدة « تتقاطع »مع المفّهوم الكلاسيكي لتنّظيمات ,الذي يرتكز على » قيادة « مكشوفة تحمل برنامج واضحا يعمل على عدة آليات .
إلا أن النظام السابق قد حارب هذا المفهوم فانطلق بحملة شعّواء على مقوّمات المجتمع المدني فحاصر القيادات الفاعلة و بسط يده على المنظمات و الأحزاب و الإعلام و همش المعارضين له .
لكن هؤلاء الذين أقصاهم نظام بن علي و الذي كان يرفع شعارا تبناه عن القيادة الأمريكية « قيادة بوش »إن لم تكن معي فأنت ضدي نجحوا دون أن يشعروا في تشكيل تنظيمات تلتقي على جملة من البرامج المسحوبة على أعداد المشتركين في الأهداف .
ولم يكن لهؤلاء قيادات أو آليات عمل أو حتى تصورات سياسية كل ما كان يعني المجموعات الصغرى التي نظمها بن علي هو تحقيق جملة من مطالبها و إن لم لم تصرح به بطريقة مباشرة
ومن ذلك من الممكن أن نذكر أمثلة –فمثلا كان المقهى فضاء للمعطلين عن العمل يلتقون فيه و يتقاسمون همومهم و يشتركون حول نقطة التشغيل و حقهم فيه و محاربة المحسوبية و الفساد و بالتالي أوجد بن علي دون أن يشعر و دون أن يريد نوعا من التكّتلات تملكا فضاءات خاصة « الحومة »و »القهوة » فيما يشبه النقابة.
و اشتراك هؤلاء في المطالب ووعيهم بتقاسم شريحة لا بأس بها لنفس مطالبهم و توجهاتهم أعطاهم نفسا من الثقة و » الانزواء الجماعي « الذي سرعان ما سيخرج إلى الشارع
و كذلك من الممكن اعتبار الناشطين على « الانترنات » الذي مثل هذا الفضاء الافتراضي بالنسبة لهم متنفسا خاصا يمكنهم من التعبير إلى حد ما عن تطلعاتهم و طموحهم و إيصال صوتهم و كما ساهم في خلق إعلام بديل و حلقات نقاش كرست بشكل أو بشكل أخر نوعا من الوعي و التكتل و الاشتراك فكانت المجموعات « الفايس بوكية »وكانت « المظاهرات الافتراضية »
وحتى في مجموعات الكرة « الالترا » و السوبرا »التي أقصيت و همشت أوجدت لنفسها تنظيمات خاصة و شعارات و قوانين تحدت أحيانا المحظور
لكن هذه المجموعات ظلت غير واعية بالمجموعات الأخرى فيما وصفناه « بالانزواء الجماعي »و تقوقعت كل مجموعة على نفسها
لأجل ذلك و بالعودة الى تفاصيل ما حدث منذ أن أحرق » البوعزيزي » نفسه و كان الشرارة التي أشعلت الثورة »بالرغم ان حالة الاحتقان كانت عامة وكان المخزن مليئا بالبنزين » وقد حذّر مراقبون كثر من انفجار الوضع في تونس .
فالثورة عرفت خطين راسييّن
خطّ ما قبل تالة و هو شمل المناطق الداخلية « و تالة » نسبة إلى مجزرة 8جانفي 2011حيث كان المطالب الاجتماعية هي الطاغية و حتى المطالب السياسة كانت محافظة على سقف معين فلم تطالب برأس النظام بل ظلت مقتصرة على محاربة الفساد
خط تالة .بعد مجزرة تالة تحركت كل تونس و جميع تنظيماتها و خرجت من دور المتعاطف و المؤيد للمطالب المشروعة التي نادى بها أهل المناطق الداخلية إلى دور الفاعل و المطالب و غابت المطالب السياسية و التقت جميع التنظيمات على مطلب سياسي ذو سقف واحد عال وهو رأس النظام متجاوزة بذلك كل التوقعات و المعارضات التي عجزت عن احتواء ثورة الشارع
ففي اللحظة التي أدركت فيها جميع التنظيمات الصغرى إن مسألة الحرية هي هاجس جماعي انصهرت داخل بعضها متخلية عن كل مطلب ثانوي

1 تعليقات:

تعليق أبو عبد الله التونسي ...

أقولُ لهمْ وقد ضاقَ الخنـاقُ ** طريقُ الثورة الكبرى عَتَـاقُ
فليسَ الحـرُّ إلاّ مـن تأبـَّى ** وإلاّ مـن يثـُورُ ولايُعـاقُ
ومن يرْمي على الطغْيان سهْمـاً ** لصدرِ الظالمين بـه اختراقُ
وسيفُ الحقِّ مشهورٌ بكـفِّ ** دمـاءُ الظالميـن بـه تراقُ
ورأسُ الجوْرِ مقطوعٌ مُطـَـارٌ ** وكأسُ الجورِ مكسورٌ مُراقُ
متى تصحُو الشعوبُ ليومٍ ثـأرٍ **وتغـدُو للنهوضِ بها إشتياقُ
أعانَ الله من يبغِي جهــاداً ** عروشُ الظالمـين بـه تُحـاقُ
فماءُ الذلِّ في الإسلام دهْـقٌ ** وكأسُ العـزِّ مملـوءٌ دِهاقُ
وأهلُ العزِّ في الإسلامِ قـومٌ ** لهـم فـي كلِّ ثوْراتٍ سِباقُ
هم الأحرارُ فاتركْ مَن سواهُم ** وخـلِّ العبد في رِقِّ يُسـاقُ
هو المنهاجُ فاتركْ ما سـِـواهُ ** وخـلِّ الإنْبطاحَ هو النِّفاقُ
حامد بن عبدالله العلي

11 فبراير 2011 في 12:41 ص

إرسال تعليق